عن المشروع
حتى بدايات القرن العشرين، تم اعتماد التناقل الشفهي للموروث الموسيقي العربي، على الأغلب، عبر تدريسه للأجيال الشابة مباشرة في دروس خاصة، اعتمدت جودتها على معرفة وموهبة المدرس المعني.
بُدِئ العمل على توثيق الموسيقى العربية في أربعينيات القرن العشرين (1940) فقط ، وكان ذلك بالإستناد إلى النمط المعمول به في الغرب. ويشار إلى أنه لم يكن هنالك منهاج أو نمط تعليمي لتدريس الموسيقى العربية لدى تأسيس أولى المدارس والمعاهد الأكاديمية الموسيقية، الأمر الذي أدى إلى اعتماد أساليب تدريس الموسيقى الغربية الكلاسيكية ذاتها.
غير أن الموسيقى العربية تعتمد على الاجتهاد الفردي في تفسير المقطوعات الموسيقية عوضا عن الالتزام الصارم بالنص الموسيقي، وبذلك، تشبه الموسيقى العربية الجاز في إتاحتها حيزا واسعا للموسيقيين من أجل تطوير الابداع والتعبير الذاتي من خلال الارتجال.
تسبب التأثير الغربي في تدريس الموسيقى العربية في فقدان الكثير من روح وخصوصية الموسيقى العربية، ولم تنجح أساليب التدريس هذه في تلبية حاجات المدرسين والطلبة، الأمر الذي ولّد حالة جسيمة من عدم الانسجام في تدريس الموسيقى العربية في منطقتنا ما أدى، بدوره، إلى تشتيت الموروث الحضاري المشترك بين الدول والشعوب العربية. إضافة إلى خلق حالة من البلبلة ووضع العراقيل الأخرى أمام الطلبة والأساتذة الدارسين والعاملين في مختلف المدارس والمعاهد الموسيقية، ومؤسسات التعليم العالي الموسيقي.
بناء على ما تقدّم، سعينا في موقع "موسيقانا" إلى تطوير مواد نصية، سمعية ومرئية، أُنتِجَت لخدمة مدرسي وطلاب الموسيقى في مجالات ثلاث: مقامات وتقاسيم، تخت شرقي وإيقاع، وقد تم تطوير هذه المواد وتسجيلها من قبل أعلام في الموسيقى العربية، وهم الأساتذة أحمد الخطيب، شربل روحانا، خالد محمد علي، ويوسف حبيش.
يشار إلى أن المواد التدريسية تتضمن أفلاما توضيحية للطلبة، ترشدهم في عملية دراسة التقليد الشفهي، إلى جانب استخدام طرق تفاعلية من أجل التقاط واستيعاب خصوصية وخلاصة الموسيقى العربية.
تعتبر هذه المواد التدريسية الحديثة المعتمدة على تقنيات معلوماتية بمثابة تحوّل في تعليم الموسيقى العربية. فكافة المواد التدريسية متوفرة من خلال تطبيقات الكترونية مجانية من شأنها أن تتيح فرصة لبناء مواقع الكترونية تدريسية ناجعة. وتضع مبادرتنا هذه المصادر التدريسية الحديثة في خدمة كافة الناطقين باللغة العربية حول العالم.
إن موقع "موسيقانا" الإلكتروني متوفر، مجانا، وبدون اشتراط تسجيل العضوية، ومتاح لكافة مدرسي وطلبة الموسيقى العربية المهتمين بالتعمق في الخلفية الأكاديمية للموسيقى العربية.
وتجدر الإشارة إلى أنه ينعدم حاليا وجود نمط موحد لتدريس الموسيقى العربية في العالم العربي، عدا عن عدم توفر مجهود جدي لتطوير نمط على هذه الشاكلة. فكافة المواد، والمناهج، والأنماط التدريسية التي تم تطويرها وملاءمتها لدراسة الموسيقى العربية في المستوى الأكاديمي المتقدم لا تفي بالحاجات الدراسية المعاصرة للطالب.
إن الموسيقى العربية جزء من الموروث الحضاري المنسي للشعب الفلسطيني والعالم العربي عموما. لذا، فإننا نرى في "موسيقانا" فرصة استثنائية للتأثير النوعي الهادف للحفاظ على، وتطوير، الموسيقى العربية. إن هذا المجهود والعمل الدؤوب المستثمر في المشروع ما هو إلا باكورة الخطوات من أجل تدريس الموسيقى العربية وفقا لتوجّه علمي, معاصر وموحّد.
إن موقع "موسيقانا" وكافة المواد المتوفرة فيه، جزء من مشروع أكبر، هو "مشروع المعهد الموسيقي"، وهو نتاج تعاون استمر لعامين بين مؤسستي: "معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى" في القدس و"معهد بيت الموسيقى" في شفاعمرو.